logo

معلم من شعب يكشف عن مشروعه التربوي الطموح: ‘حلمي أن أدير مدرسة زراعية تُشبه متحفًا حيًّا، تنبض بالحياة والطبيعة‘

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
01-05-2025 18:02:43 اخر تحديث: 20-05-2025 11:08:24

في زمن يتغير فيه وجه التعليم بتأثير التكنولوجيا والرقمنة، يظل هناك معلمون يؤمنون بأن رسالتهم تتجاوز حدود المناهج والصفوف. من بلدة شعب في الجليل، يبرز اسم المربي ناصر الناصر كنموذج

للمعلم المُلهِم، الذي يرى في كل طالب مشروع حياة، وفي كل حصة فرصة للابتكار والتأثير.

ناصر الناصر، الحائز على جائزة أحد أفضل معلمي العلوم في البلاد، لا يكتفي بتلقين المعرفة، بل يدمج الفن بالتجريب، ويحوّل الصف إلى مساحة تفاعلية نابضة بالحياة. بين المجسمات، والتجارب الحسية، والزراعة البيئية، يسير بخطى ثابتة نحو حلمه بإدارة مدرسة زراعية نموذجية تكون حاضنة للعلم والحياة.

ما الذي دفعك لاختيار مسار التعليم عملياً؟

"نشأت في بيئة تعليمية مميزة. بيتنا كان مؤجَّرًا للمدرسة الثانوية في شعب لمدة 17 سنة، حيث كانت الصفوف في الطابقين الأول والثاني، ونحن نسكن في الطابق الثالث. عشت يوميًا أجواء المدرسة، وكنت أسمع جرس الحصص، وأرى الطلاب والمعلمين أمام عيني. والديّ كانا يُكنّان حبًا كبيرًا لمهنة التعليم، وقد توطّدت صداقاتهما مع طاقم المدرسة. هذا الجو العام، والتعامل اليومي مع الطلاب والمعلمين وأهاليهم، ترك أثرًا عميقًا في داخلي، ودفعني لاختيار هذه المهنة".

ومضى قائلاً: "بدأت التدريس عام 1999 بعد إنهائي للمرحلة الثانوية. في البداية درّست اللغة العربية، ثم انتقلت لتدريس العلوم، وهو المجال الذي وجدت فيه شغفي الحقيقي. في عام 2017، حصلت على جائزة "أفضل معلم علوم في البلاد"، وهي لحظة أعتز بها كثيرًا. أعتبر هذا التكريم نتيجة سنوات من التعب، وسهر الليالي، والاجتهاد الأكاديمي. ما يميز الجائزة أنها جاءت بتوصيات من الأهالي، والمدير، والمعلمين، وكل من يعرفني في الحقل التربوي، وهذا ما يجعلها بالنسبة لي شهادة فخر واعتراف مجتمعي بقيمة العمل الذي أقدمه".

نراك نشطًا في مجالات فنية مثل بناء المجسمات والتدوير. كيف تدمج هذه الفنون في التعليم؟

"أنا مؤمن بأن التجربة الحسية هي الأكثر تأثيرًا على الطالب. ما يسمعه الطالب قد ينساه، لكن ما يصنعه بيده لا ينساه أبدًا. لذلك أُفضّل أن أستبدل الامتحانات بمشاريع عملية. بدلاً من الجلوس وراء طاولة وحل أسئلة، نخرج في جولات ميدانية، يقوم الطلاب بإعداد تقارير عن تجاربهم، أو يبنون مجسمات علمية بأنفسهم. عندما يصنع الطالب مجسمًا، يشرحه لزملائه، ثم يأخذه إلى البيت، يظل أمامه لفترة طويلة، وقد يُريه لأولاده في المستقبل. هذه الفكرة تجعل العلم حيًّا وملموسًا. الفنون والتدوير ليست ترفًا، بل أداة تعليمية فعالة، خاصة في العلوم التي تعتمد على التجريب والملاحظة".

ما أبرز التحديات التي تواجهها في تنفيذ مشاريع تعليمية إبداعية؟

"كل فكرة جديدة تُقابَل عادةً بتخوّف. عندما تخرج عن النمط التقليدي، تظهر عقبات تتعلق بالميزانيات، بالدعم الإداري، أو بالوقت. على سبيل المثال، حين قررت بناء دفيئة زراعية في المدرسة، كان عليّ تجنيد ميزانيات خاصة، والتنسيق مع الإدارة، ووضع خطة واضحة. وهذا كله يتطلب وقتًا وتخطيطًا دقيقًا قد يأتي على حساب الحصص أو الوقت الشخصي. لكن هذه الجهود تؤتي ثمارها لاحقًا. ما نبدأ به اليوم يصبح مشروعًا راسخًا في السنوات القادمة. المهم هو الإصرار والتخطيط، وتقبّل التحديات بروح الإبداع".

ما هو حلمك أو مشروعك المستقبلي في عالم التربية؟

"لطالما حلمت بإدارة مدرسة زراعية. اليوم، هذا النوع من المدارس ما زال على هامش النظام التربوي التقليدي، لكنه يحمل إمكانيات هائلة لتعليم مختلف، حيّ، ومُلهم. أحلم بمدرسة تكون أشبه بمتحف حي، يدخلها الطالب ليجد فيها حدائق، نوافير، طيور، طبيعة. مدرسة تدمج بين العلم والحياة، بين الطبيعة والتجريب، وتعيد للطالب علاقته الحقيقية بالبيئة من حوله".